ذاكرة النهر ..مقال للوزيرة المرحومة عيشة كان

جمعة, 02/10/2017 - 12:45

خاص - ريم آفريك

يسمى النهر رسميا نهر السنغال ويمر عبر أراضي كل من مالي وموريتانيا والسنغال ويبدأ حوض النهر السنغالي من بافولابي في غينيا ويتقاطع مع باقينث بابروي ويضم الأجزاء الثلاثة التالية

الحوض الأعلى لبافولاي في باكل

الحوض المتوسط من باكل إلى دكانه

الحوض السفلي للدلتا من دكانه إلى مصب كانديول بالسنغال

 

ولقد لعب حوض النهر دورا تاريخيا باعتباره مهدا لسنغامبي فبفضل تاريخه والأنشطة الزراعية المزودجة لأرضه الخصبة، سواء على مستوى أراضي والو أو على مستوى الأراضي العليا للديري هذا فضلا عن التنمية الحيوانية والصيد البحري والصناعة التقليدية.

ولقد كان حوض نهر السنغال كذلك نقطة لقاء ووصل بين السكان الوافدين من كل حدب وصوب خاصة من شمال وجنوب الصحراء وتشكل الصحراء أكثر من ثلثي المجال الموريتاني في حين يمثل الثلث المتبقي " حوض نهر السنغال" والمنطقة المتاخمة للحدود مع مالي في الجنوب التي تنتمي للمجال الساحلي.

 

ومن هذا المنطلق ظلت تنمية حوض نهر السنغال موضع اهتمام دائم وقد يعتبر الفشل المتراكم الذي عرفته العديد من من محاولات الاستثمار الزراعي منذ فترة الاستعمار وحتى سنوات الاستقلال مؤشرا لكون مستقبل المنطقة مرهونا بمشاريع الري الكبرى

وهكذا فإن الدول المتاخمة للنهر مثل غينيا في بداية الأمر ومالي وموريتانيا والسنغال قد أنشأت منظمة الدول المتاخمة للنهر OERS لتكون فيما بعد منظمة استثمار نهر السنغال بعد أن انسحبت منها غينيا سنة 1969 وكان الغرض هو انطلاقة مشروع هيدرو – زراعي ضخم في إطار منظمة استثمار النهر، وقد كان حوض النهر موقع العديد من الدراسات التي تشير في مجملها إلى التاريخ الطويل للهجرات مركزة على أهم الأسباب الاقتصادية التي نجمت عنها سيكرة تاريخية فرضت على سكان واقتصاد المنطقة.

وتفق هذه الدراسات على ترجيح وجود تهميش اقتصادي قد يكون نتائج وثمرة عقود متتالية من التاريخ جاء الاحتلال الفرنسي ليعززها ويطبعها بطابعه الخاص.

التقديم الجغرافي للنهر

يشكل نهر السنغال خط الحدود بين مالي وموريتانيا والسنغال

ويأخذ النهر مصدره من جبال فوتاجالون ويمتد من بافولابي إلى مصبه في المحيط الأطلسي ويشمل الأجزاء الثلاثة

 

التقري الزراعي

من البديهي أن أغلبية الأراضي تغمر بفيضانات النهر منذ شهر يوليو وحتى نوفمبر وتسمى هذه الأراضي "والو" وهي مصدر غيرة ومحور جذاب للشعوب من مجموعات البيضان في الشمال إلى مجموعات الزنوج الأفارقة في الجنوب

وإن أراضي والو زراعية في الأساس وتظل الزراعة النشاط الاقتصادي التقليدي الأهم في هذه المنطقة.

وأثناء الفيضان وعلى كامل الحوض تمارس زراعة ديري ويغطي نهر السنغال عشرات التراب الوطني وتجري مياهه طيلة السنة، وروافده هي كاركور كالمي، وأودية كورغل وبعض الأودية الموسمية أيضا وفي بعض الفترات تملأ المياه بحيرات الركيز ودار البركة وكنكوصة، وغيرها من البحيرات الأقل شهرة.

ويصبح الجزء السفلي من النهر ابتداء من كيهيدي صالحا للنقل النهري قي فترة ارتفاع المياه (أغسطس – نوفمبر)وتتغير مائية النهر في الجزء الموريتاني من سنة إلى أخرى

إن التنقل والحركية يعتبر ميزة من ميزات السكان الموريتانيين خاصة بالسنبة للرحل وشبه الرحل حيث تشكل نمط حياتهم.

وعلى الرغم من عدم توفر المعلومات بالقدر الكافي فيما يخص هجرات مختلف المكونات العرقية فإن المسلم به أن مركز الهجزة يقع في المنطقة المحاذية لنهر السنغال وتعود الهجرات في هذه المنطقة إلى القرن السابع عشر.

بعد انتهاء تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي في القرن 19 تضاعفت أعداد العرب الوافدين إلى المنطقة، فتبادلاتهم التجارية مع محطات النهر رافقتها غزوات مسلحة أدت إلى تنقل السكان إلى الحوض المتوسط للنهر.

كما أن الفتوحات الإسلامية في غرب إفريقيا خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر ساهمت إلى حد كبير في التحركات السكانية هذا في حين أدت ممارسات الإدارة كذلك إلى هجرة السكان وإزاحتهم أكثر نحو الشرق في نهاية القرن التاسع عشر.

وهكذا خلال ثلاثة قرون من الغزو الاستعماري للمنطقة الذي آزرته موجات الجفاف تولدت نوجات من الهجرات السكانية لم تكن منطقة النهر بمعزل عنها.

ففي وقت قريب كانت هنالك هجرات داخل منطقة نهر السنغال ناتجة أساسا عن التأثيرات المناخية التي ترتب عنها عجز عذائي وفقدان العديد من قطعان الماشية وتدهور الغابات.

ونظرا لهذا فإن تسعى أعشار السكان يتمركزون على ربع المساحة الصالحة للأنشطة الزراعية والرعوية ثم للإقامة البشرية.

ويشكل هذا الضغط الديمغرافي الكبير في حد ذاته على الأراضي الزراعية سببا في الهجرة.

أما في المجال البشري فمخلفات سنوات الجفاف لا يمكن إحصاؤها حث ارتفعت وفيات الأطفال إلى نسب عالية وقد تسببت هذه الوضعية في حركة مزودجة للسكان على مستوى المنطقة الساحلية نحو الجنوب ونحو المدن حيث غادر العديد من مجموعات الرحل موريتانيا الوسطى متجهين إلى ضفاف النهر ونحو سهول كيدي ماغا، لتعرف منطقة الجنبو اكتظاظا بالسكان والمواشي الأمر الذي أسهم في زيادة تدهور الغطاء النباتي المتواضع وفي الاستغلال المفرط للموارد الطبيعية والبيئية فضلا عن تغير العقليات وتمثلت مخلفات ذلك في زوال الغابات وتوقف جني الصمغ واختفاء زراعة القطن ومواد الصباغة وظهور زراعة الأرز.

 

يتواصل