
خاص ريم آفريك/ احتفى قادة وأنصار حزب تواصل بالرتبة الثالثة التي حصل عليهم مرشحهم للرئاسيات الفقيه حمادي ولد سيدي المختار، بفارق عشر نقاط عن صاحب الرتبة الثانية السيد بيرام ولد الداه ولد اعبيدي الذي حاز قرابة 23% من أصوات الناخبين
وبين الطموح إلى الصعود إلى الشوط الثاني في منافسة ولد الشيخ الغزواني، أو العجز عن تجاوز حاجز 10% من أصوات الناخبين سار حملة الفقيه بين تيارين أحدهما يضخم ما يمكن أن يحققه حزب الإسلاميين، وآخر يرى في الخلافات التي مر بها الحزب خلال السنوات الأخيرة كابحا عن تقدمه.
الشريعة تنقذ مرشح الإسلاميين
متأخرا عن بقية المرشحين أعلن تواصل تقديم رئيسه حمادي ولد سيدي المختار، للرئاسة، ويأتي ترشيح السياسي الفقيه ضمن توجه في تقديم الشخصية الأولى في الحزب لأهم الفرص المتاحة له، حيث سبق منحه زعامة المعارضة في سعي من الحزب للقضاء على الثنائية القيادية.
وتمكن ولد الشيخ حمادي من الحلول ثالثا بنسبة حمادي سيد المختار محمد عبدي: 126 ألفا و340 صوتا ما يعادل نسبة 12.78%، وتوزعت هذه النسبة بين مراكز رسوخ وتمدد، ومراكز قوة، ونقاط ضعف شديد، فيما كان السياق العام هو الحضور في مختلف أنحاء البلاد.
وتركزت نقاط قوة تواصل خلال الانتخابات المنصرمة على عوامل أهمها:
أ - شخصية رئيس الحزب: الذي ما زال محتفظا بكثير من نضارة الشخصية الإسلامية التقليدية في أدبيات تواصل، وقد أسهمت حداثة سنه السياسية في تجنبيه كثيرا من التحفظات والمواقف السلبية للناخبين الموريتانيين تجاه طبقة السياسيين المخضرمين.
ب - خطاب انتخابي سهل التسويق: أعاد حمادي خطاب تطبيق الشريعة إلى التداول السياسي بين الإسلاميين، إلا أن العنصر الأكثر أهمية في هذا الشعار هو سهولة تسويقه، وتعلق قطاعات واسعة من الجماهير به، وخصوصا الجماهير التقليدية لحزب تواصل، ويظهر حجم الاستببشار الكبير لقادة تواصل بالنتيجة التي حققوها أن هاجس حفظ الموجود كان أكبر عند حزب الإسلاميين من آفاق التمدد، ويبقى السؤال ما إذا كان حزب تواصل سيرفع من حضور هذا الشعار في خطابه ومطالبه السياسية خلال السنوات الخمس القادمة، أم أنه سيكتفي بمطالبه التفصيلية حول التنمية ومحاربة الفساد.
ج - الخيار الثاني للقومية العربية: تظهر نتائج حزب تواصل أنه امتداداته ما زالت ضمن الأذرع السياسية للأغلبية العربية للبلاد، وبشكل خاص فإن الحزب قد استفاد من قاعدته التقليدية الثابتة، ومن أصوات المجموعة العربية المعارضة لنظام ولد الشيخ الغزواني، والرافضة أيضا للتصويت لبقية المرشحين الذين ينتمون إلى شرائح أخرى، وهو ما يؤكد أن الحزب ما زال محدود القدرة في " السباحة" خارج حوضه العربي
وإلى جانب عوامل القوة الذاتية والظرفية السابقة، أظهرت النتائج أيضا أن الحزب خاظ حملته بنقاط ضعف وإكراهات متعددة أبرزها:
- التأخر في الترشيح
- ضعف القدرة المالية للحزب: الذي عانى كثيرا من انسحاب عدد كبير من رجال الأعمال الداعمين له سابقا، ويظهر الأمر بشكل خاص في مقاطعات الطينطان ولعيون وجيكني، وواد الناقة، وهو ما يعني أن ما حققته الحزب في هذه المقاطعة كان قابلا للصعود إلى الضعف، لو لم يتحول داعموه السابقون من سياسيين ورجال الأعمال إلى منافسين أقوياء.
- ضعف شديد في إدارة الحملة: التي غابت عنها الوجوه القيادية التاريخية في الحزب، وقد كانت الخرجات الإعلامية لقادة الحملة محدودة التأثير وضعيفة الأداء، فيما كان أداء رئيس الحزب حمادي ولد سيدي المختار الرافعة الأساسية لحملته، وذلك لتركيزه بشكل خاص على خطاب "تطبيق الشريعة الإسلامية" إضافة إلى الوعود ذات الزخم الإعلامي الكبير مثل منح راتب وزير للمدرسين، وإقامة جامعات جديدة، والحماية الدينية للمغتربين
وإضافة إلى ضغف الحملة لوخظ إأيضا غياب الوجوه العلمية والدعوية المهمة التي كان تواصل يستفيد من ريعها الشعبي في حملاته الانتخابية، وخصوصا الشيخ محمد الحسن ولد الددو، الذي كان الغائب الأبرز عن حملة انتخابية كانت الخطاب الديني أكثر مفرداتها استخداما سياسيا في خطابات مرشح تواصل
حضور نسبي في العاصمة والحوضين
وتظهر النسب بشكل عام أن مقاطعة توجنين وبعض مقاطعات الحوضين ما تزال المنطقة الأهم في أصوات الناخبين التواصليين حيث حصل الحزب في نواكشوط على
30.44% من أصوات ناخبي توجنين، أما قلعته الشهيرة عرفات فقد واصل فيها التراجع إلى 24.64% من أصوات الناخبين، لتحل تيارت ثالثا بنسبة 23.26% من اختيارات المصوتين، لينال 18.37% في مقاطعة تفرغ زينة، و17.93% في مقاطعة دار النعيم، أما مقاطعة لكصر فقد جاءت في الرتبة الرابعة على مستوى أصوات الحزب في نواكشوط، بنسبة 17.60%، فيما لم يتجاوز الحزب 9.55% قي المجرية، وهبط إلى رتبة 5.71 في الميناء، أما مقاطعة السبخة فلم يتجاوز التواصليون فيها 1.79.
وفي لاية الحوض الشرقي كانت مدينة جكني صاحبة الرتبة الأولى من الأصوات الممنوحة للحزب بنسبة 15.34، لتليها مقاطعة النعمة برتبة لم تتجاوز 15.35%، مقابل 13% في تمبدغة
أما المقاطعة التاريخية ولاته، فلم تمنح تواصل أكثر من 8.99%، ولم تتجاوز حصيلة الحزب في باسكنو الحدودية 8.65%، ليهبط في آمرج إلى 7.1 وفي انبيكت لحواش إلى 5.68% متجاوزا بذلك حصيلته في عدل بكرو التي توقفت عند 4.94%
أما في ولاية الحوض فقد كانت مدينة الطينطان مركز القوة الأساسية للحزب حيث حصل على نسبة 26.54، % تليها مقاطعة 19.55 متفوقين على زملائهم في مقاطعة لعيون الذين لم يتجاوز تأثيرهم 15.21% رغم حلولهم في الرتبة الثانية، فيما تمكن الحزب من تسجيل 16.07% في مقاطعة الطويل الجديدة، إلا أن حظوظه في تامشكط لم تتجاوز7.28
وتراجع تواصل إلى الرتبة الثالثة في مقاطعة كيفة التي مثلها رئيسها حمادي في البرلمان لمأموريتين متتاليتين، حيث منحته عاصمة لعصابة 16.03%، فيما استطاع الحصول على رتبة متقدمة في مقاطعة كرو التي يتمتع فيها تواصل بعمدة ونائب، حيث حصل على 24.23%، فيما لم يتمكن في مقاطعة كنكوصة من تجاوز حاجز 8.85%، و7.28% في باركيول، وكانت بومديد إحدى نقاط الضعف الشديدة لتواصل حيث وقف عند حاجز 4.22%.
ضعف شديد في حوض الضفة
ولم تكن حظوظ تواصل فائقة جدا في البراكنة، وخصوصا في منطقتها الجنوبية حيث الحوض النهر بأغلبية سكانه من الزنوج، حيث حصل تواصل على:
1.24% في بابابي، ليرتفع قليلا إلى 2.75% في امبان، و3.39 في بوكي، و11.70 في ألاك، فيما كانت نسبته الأكبر في مقاطعة مكطع لحجار 15.64%، لتليها مال بنسبة 13.69%
ولا تبتعد مقاطعات ولاية غورغل عن لبراكنه، حيث منح ناخبو كيهيدي حزب تواصل 5.07% من أصواتهم، مقابل 2.53% في امبود، و3.12% في مقامة، فلما يتجاوز لحزب 2% في مونكل، فيما كان نصيب الحزب في لكصيبة 8.94%ـ متجاوزا بذلك عاصمة الولاية.
وفي سيلبابي بولاية كيدماغا، حصل تواصل على 10.09%، إضافة إلى 7.68% في ولد ينجه، أما غابو فلم يتجاوز فيها تواصل 4.22%%
وفي ولاية الترارزة، حافظ الحزب على نسب مقبولة في مقاطعتي واد الناقة والركيز بنسبة متقاربة هي 21.17% و21.12% على التوالي، فيما حصل على 10.58% وفي كرمسين والمذرذرة حافظ على الحزب على نسبة قريبة من نسبته الوطنية، حيث نال نسبتي 12.72% في الأولى و11.72% في الثانية فيما كانت مقاطعتا بوتلميت، وانتيكان نقطتي الضعف الأبرز للحزب في الولاية التي تحتضن عددا من القيادات التاريخية والدعوية لحزب الإسلاميين، حيث نال في الأولى 10.58% ونال في الثانية 3.13%
حضور ضعيف في الشمال
ترتفع مؤشرات الحزب في الشمال قليلا مقارنة مع حظوظه في الضفة، لكنها لا تخرجه من حالة الضعف، حيث نال الحزب 12.57% من أصوات ناخيي تجككجه بولاية تكانت، ليتراجع إلى 9.21% في المجرية، و 8.52% في تيشيت.
أما في آدرار، فقد كانت نسبة تواصل في شنقيط هي الأعلى في ولاية النخيل والجبال، حيث نال 15.35%، إضافة 13.96% في أطار، و 10.78% في أوجفت، و7.79% في ودان.
وفي تيرس الزمور كان لافتا حصول الحزب على 21.88% من أصوات الناخبين، في مقابل 19.93% في ازويرات، و11.65% في بير أم اغرين.
ولم تخرج ولاية انشيري عن السياق نفسه، حيث منح سكان أكجوجت 13% من أصواتهم لولد سيدي المختار، الذي نال أيضا 12.75 في بنشاب.
وكانت العاصمة الاقتصادية التي يحافظ فيها الحزب على مقعد برلماني طيلة مأموريتين في نفس الاتجاه، حيث نال تواصل في مقاطعة نواذيبو 12.51%، فيما ارتفعت نسبته في الشامي إلى 15.35%
الضعف المتناسق مع التركيبة العرقية
تظهر النتائج أن حزب تواصل لم يتمدد بشكل أفقي واسع في خارطة الناخبين في موريتانيا، كما تظهر أيضا ترسخ قوته في المناطق ذات الأغلبية العربية، ومناطق نفوذه الدعوي، حيث تعتبر المقاطعات : توجنين – الطينطان – عرفات- كرو - افديرك- واد الناقة-الركيز- مراكز الثقل الأهم بالنسبة لحزب تواصل، حيث تراوحت نسب التصويت لصالحه فيها ما بين 30- 21%.
وتظهر النتائج استقرار وتجانس النسب التي حصل عليها تواصل في 25 مقاطعة موريتانية أخرى، تراوحت نسب التصويت فيها له ما بين 10.و 19.55%
فيما ترسخ الضعف الشديد في مناطق في 30 مقاطعة ومركزا إداريا حل فيها الحزب بنسب ضعف تتراوح ما بين 10-1.79%
وتظهر قرائة المؤشرات أن مناطق الضفة، ومناطق تركز قوميتي الزنوج والحراطين تمثل نقاط ضعف ، الذي حصل على أدنى نسبة تصويت في مقاطعة السبخة بحوالي 1.79% من أصوات الناخبين الذين منحت أغلبيتهم دعمها للمرشح المعارض بيرام ولد اعبيدي، فيما نال الحزب أصوات 2% من مقاطعة امبود.
وتؤكد أصوات الضفة أن تواصل ما زال "الفتى العربي" الغريب الوجه واليد واللسان في منطقة يمثل الزنوج أغلبية سكانها، وأن بشعبية متركزة في مجموعات مجدودة من الوافدين من ولايات أخرى مثل صغار التجار وخصوصا من القومية العربية.