انتخابات التاسع والعشرين .. قوة متصاعدة للديمقراطية وآفاق تنموية متعددة

أربعاء, 07/10/2024 - 13:42

افتتاحية - تستعد الهيئات الدستورية في موريتانيا لحفل تنصيب الرئيس الموريتاني مع بداية أغسطس القادم لمأمورية ثانية وأخيرة وفق مقتضيات الدستور الموريتاني،  وذلك بعد أن حسم ولد الشيخ الغزواني بأغلبية 56% من أصوات الناخبين، ليحل أقرب منافسيه في الرتبة الثانية بأصوات 22.10% من الناخبين الموريتانيين الذين لم  تجاوزت نسبة المشاركة فيها 55%  من المسجلين على اللائحة الانتخابية.

ولد الشيخ الغزواني هو الرئيس التاسع لموريتانيا وأحد أكثر رؤسائها هدوء ورزانة، خاض حملته الرئاسية بكثير من اللباقة والتعامل الإيجابي مع منافسيه، دون أن ينسى التذكير بأن له جانبا آخر بالغ الشراسة، عندما يتم المساس من الأمن الموريتاني 

ولد الشيخ الغزواني هو الرابح الأول من هذه الانتخابات التي تضفي مزيدا من الجدية والترسيخ للتجربة الديمقراطية التي طالتما وجهت إليها انتقادات في آلياتها الإجرائية الديمقراطية ومن أبرز الملاحظات التي تعزز الديمقراطية الموريتانية:

- الاحترام الدقيق للآجال الدستورية: وهو ما يعني التسليم بحاكمية الدستور على الممارسات الإجرائية الأخرى

- تعزيز ضمانات الشفافية: لدى اللجنة الوطنية للانتخابات من خلال تصوير المحاضر ونشرها إلكترونيا وبشكل متزامن مع نشر النتائج، ويؤدي تعزيز الرقمنة بشكل كبير إلى مزيد من الدقة والسرعة والشفافية

- تزكية المرشح المنافس: وذلك بمنحه العدد الكافي من المستشارين البلديين لتمكينه من إعداد ملفه وتقديمه للمجلس الدستوري، ولو أن السلطات الموريتانية الحاكمة ترغب في مضايقته لما منحته الفرصة لخوض الانتخابات.

- تعهد الرئيس باحترام نتائج الانتخابات: بغض النظر عن الفائز، وهي المرة الأولى التي يصدر فيها تصريح من هذا القبيل عن رئيس موريتاني.

- نتائج منطقية: تعكس رغم التصويت العرقي والفئوي الذي شاب هذه الانتخابات مستويات التنوع والتنافس السياسي في موريتانيا، بعيدا عن تلك الأرقام الفلكية التي كانت الأنظمة السابقة تتباهى بها لصناعة فوزها.

- اعتراف المنافسين الأكثر مصداقية: وخصوصا حزب تواصل الذي امتاز بقدرة عملياته الانتخابية على ضبط نتائج الانتخابات بشكل جيد، ليكون اعترافه بالنتائج وتهنئته للرئيس الفائز عنصرا أساسيا يؤكد تزكية الانتخابات، وهو ما تبعه أيضا عدد من المرشحين الآخرين.

- تصاعد شعبية الرئيس الموريتاني: الذي فاز في رئاسيات 2019 بأصوات 52% وأظهرت النتائج فعليا أن سياسات ولد الشيخ الغزواني أكسبته مجددا مزيدا من الأصوات والمقبولية لدى قطاعات كبيرة صوتت لمنافسيه في رئاسيات 2019، وتظهر نتائج ولد الشيخ الغزواني في روصو وكيهيدي وسيلبابي ونواذيبو تحسنا نوعيا في التحاق الجماهير بخطابه الإنصافي والهادئ، مقابل تراجع في التصويت لمنافسيه

المأمورية الثانية آفاق متعددة

تفتح المأمورية الثانية للرئيس الغزواني آفاقا متعددة  أمام موريتانيا ومن أبرزها

- استمرار  التهدئة السياسية: باعتبارها رهانا ثابتا عند الرجل ذي الخلفية العسكرية، والمهتم ببقاء الحالة السياسية في إطار من التهدئة والتنافس، وتؤكد مصادر قريبة من النظام أن لا نية له في التصعيد مع أي طرف معارض، كما أن نظامه أيضا يرفض مقايضة الحوار أو النقاش السياسي بالأمن أو الرضوخ للابتزاز السياسي.

- تعزز فرص تحسين التنمية: وخصوصا المشاريع المتعلقة بالتنمية المحلية، وتعزيز الوحدة الوطنية، وكذا تطوير أداء مشاريع مندوبية التآزر التي تمثل الذراع الاجتماعية للنظام.

- تحقيق وعود النظام: وخصوصا فيما يتعلق بتمكين الشباب وتحسين جودة التعليم، وكذا محاربة الفساد، وتمثل هذه الوعود حجر الأساس للخمسية القادمة التي تواجهها تحديات مختلفة.

- إدارة المتغيرات الاقتصادية: النوعية للبلاد، حيث ينتظر أن تواكب الأشهر الأولى من المأمورية الثانية، انطلاق تصدير الغاز الموريتاني، وكذا تحسين الاستثمار في مجالات الطاقة الخضراء.

- قابلية استيعاب التمويلات الدولية: الموجهة إلى منطقة الساحل، التي تعاني من أزمات أمنية متصاعدة، ومن تفاقم للخطاب الشعبوي لدى النخب العسكرية الحاكمة، مما يجعل موريتانيا - الاستثناء الآمن في منطقة الساحل- الوجهة الأكثر أمنا ومصداقية للاستثمار، وللتنافس الرهانات الدولية المتعددة.

وبين مختلف الآفاق والفرص، تنطلق موريتانيا إلى فترة جديدة من مسار ديمقراطي ترتفع فيه وتتزايد ضمانات الشفافية