مستقبل النفوذ الفرنسي في منطقة الساحل والصحراء

ثلاثاء, 01/10/2023 - 08:45

شهد عام 2022م سلسلة من القرارات التي عمّقت أزمة فرنسا في غرب إفريقيا والساحل، ودفعت البعض نحو التنبؤ بانتهاء النفوذ الفرنسي في المنطقة عقب عقود من السيطرة والهيمنة لباريس هناك. فقد أعلنت فرنسا في 15 ديسمبر الجاري (2022م) عن خروج آخر جندي فرنسي من جمهورية إفريقيا الوسطى، والذي جاء عقب إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 9 نوفمبر 2022م انتهاء العملية العسكرية "برخان" التي تقودها بلاده في منطقة الساحل والصحراء منذ عام 2013م. وذلك عقب الخروج الفرنسي من مالي التي تشهد علاقاتهما توترًا متصاعدًا خلال العامين الماضيين.

ومع ذلك، أكد ماكرون أن الاستراتيجية الفرنسية الجديدة في القارة الإفريقية ستكون جاهزة في غضون ستة أشهر. مما قد يعني إعادة باريس ترتيب أوراقها وفق تطورات السياق الدولي والإقليمي الراهن في المنطقة. وهو ما يثير العديد من التساؤلات حول مستقبل النفوذ الفرنسي في المنطقة خلال الفترة المقبلة، لا سيما في ظل صعود بعض الأدوار المنافسة هناك مثل روسيا التي تعزز القلق الفرنسي والأوروبي تجاه مصالحهما الاستراتيجية في غرب إفريقيا.

أولًا- مصفوفة المصالح الفرنسية الاستراتيجية في الساحل والصحراء

يمكن الإشارة إلى أبرز الدوافع الفرنسية للانخراط في منطقة الساحل والصحراء على مدار السنوات الماضية على النحو التالي:

1-تعزيز العلاقات السياسية مع حكومات دول الساحل، في ظل ما تحظى به منطقة الساحل من قيمة استراتيجية كبيرة في السياسة الفرنسية؛ خاصةً على المستوى السياسي، في ظل حاجة باريس للدعم الإفريقي لها في المحافل الدولية المختلفة للدفاع عن قضاياها. وذلك من خلال توطيد العلاقات السياسية والدبلوماسية مع معظم دول المنطقة عبر أدوات عدة؛ مثل الزيارات المتبادلة، وانعقاد القمم الرئاسية.

2-احتواء نفوذ اللاعبين الجدد في المنطقة؛ إذ تتخوف باريس من تنامي دور بعض القوى الدولية التي تسعى إلى ترسيخ أقدامها، وخلق النفوذ والهيمنة في بلدان المنطقة، والتي من أبرزها الصين وروسيا.

3-التأثير الجيوسياسي لمنطقة الساحل؛ إذ تجد فرنسا في التداخل الجغرافي المحوري للساحل مع بعض مناطق الجوار الجغرافي الاستراتيجي مثل شمال إفريقيا وغربها وحوض البحر الأحمر والقرن الإفريقي وشرق المتوسط مساحة مهمة تضمن لها الوجود في قلب الأحداث في مناطق الأزمات الإقليمية في إفريقيا والشرق الأوسط، وهو ما يضمن لها المتابعة عن قرب والتأثير في عدد من الملفات الإقليمية المهمة مثل تطورات الأزمة الليبية، والعلاقات مع دول شمال إفريقيا ودول المغرب العربي، والتفاعلات في شرق المتوسط، والتأثير في معادلة أمن البحر الأحمر في شرق القارة.  

4-سعي فرنسا نحو تعظيم الاستفادة الاقتصادية من منطقة الساحل لا سيما أنها تُشكّل أحد المصادر المهمة لموارد الطاقة التي تعتمد عليها بشكل كبير الشركات الفرنسية. وتتمحور سياستها الاقتصادية في المنطقة حول حماية استثماراتها، والبحث عن أسواق جديدة لتصريف منتجاتها الصناعية، والاستحواذ على الموارد والثروات الطبيعية لتنمية الصناعات الفرنسية.

5-تأمين الوصول إلى اليورانيوم؛ إذ تعتمد باريس في تلبية معظم احتياجاتها من الكهرباء على الطاقة النووية. وهو ما يفسر اعتمادها على خام اليورانيوم الذي يتوافر بكميات كبيرة في إقليم الساحل الإفريقي.

6-الحفاظ على إقليم الساحل مستقر وآمِن؛ حيث تتخوف باريس من التداعيات المحتملة لانزلاق بلدان الساحل في المزيد من الفوضى في ضوء تعقد السياق الإقليمي على المستويين السياسي والأمني. لذلك هي تحرص على توسيع نفوذها في المنطقة، وتعزيز علاقاتها مع الأنظمة الحاكمة، وتقديم المساندة لها في حال نشوب أي تهديداتٍ من شأنها زعزعة الاستقرار الإقليمي في المنطقة، فضلًا عن محاربة المتمردين الذين يحاربون الأنظمة الموالية لها، وهو ما يُبرّر التدخلات العسكرية الفرنسية التي تزيد من دورها القيادي، وتوسع دائرة نفوذها في المنطقة.

6-تأمين الداخل الفرنسي من تهديدات الساحل؛ إذ تتخذ فرنسا من منطقة الساحل حائط صدّ قويًّا ضد جملة المهدِّدات التي تُشكِّل تحديًا على أمنها بشكل خاص، وأمن أوروبا بشكل عام. فقد فطنت السياسة الفرنسية إلى ضرورة وَأْد تلك المهددات في إقليم الساحل، أو على الأقل تحييدها ومواجهتها خارج الأراضي الفرنسية والأوروبية لتفادي التداعيات السلبية التي تعاني منها القارة الإفريقية في الوقت الراهن.

ثانيًا: أسباب التراجع الفرنسي في منطقة الساحل

تتمثل أبرز هذه الأسباب خلال الفترة الأخيرة في:

1-فقدان باريس لأبرز حلفائها الاستراتيجيين في المنطقة، وذلك عقب مقتل الرئيس التشادي السابق، إدريس ديبي، في أبريل 2021م. وهو ما يجعلنا أمام جيل جديد من الحكام الأفارقة ربما يمثل أزمة لفرنسا خلال الفترة المقبلة خاصةً مع تنامي مشاعر العداء للوجود الفرنسي في بعض دول الساحل على المستوى الشعبي والنخبوي.

2-الرفض الشعبي للوجود العسكري الفرنسي، في ظل تصاعد موجة العداء التي يتبنَّاها الرأي العام الإفريقي في منطقة الساحل والصحراء، والتي برزت بشكل جلي عبر الاحتجاجات والتظاهرات الشعبية التي اندلعت في بعض دول المنطقة مثل مالي وبوركينا فاسو والنيجر وإفريقيا الوسطى، والتي تطالب بخروج القوات الفرنسية والقواعد العسكرية الفرنسية من الساحل.

3-ضعف قدرات الجيوش الإفريقية في المنطقة؛ حيث لم تجد فرنسا في جيوش دول الساحل حليفًا عسكريًّا قويًّا تعتمد عليه من أجل مُواجهة التهديدات الإرهابية في المنطقة؛ نظرًا لقلة خبرات وكفاءة جيوش المنطقة، في مقابل تفوق قدرات التنظيمات الإرهابية البشرية واللوجستية والمادية، وهو ما أدَّى إلى تصاعد نشاط الإرهاب في المنطقة، وانتشار العناصر الإرهابية في معظم بلدان المنطقة. وهو ما يعني تزايد الأعباء الأمنية والعسكرية على كاهل القوات الفرنسية ضمن عملية برخان، وما يترتب عليه من إخفاق في احتواء مخاطر الإرهاب في إقليم الساحل والصحراء.

4-المقاربات الفرنسية في الساحل: برغم النجاحات النسبية التي حقَّقتها القوات الفرنسية في منطقة الساحل خلال السنوات الماضية؛ إلا أن نهج باريس في مجال مكافحة الإرهاب في الساحل قد أخفق في القضاء على الإرهاب بشكل نهائي، بل أدى إلى تفاقم الأزمات الأمنية في المنطقة، في ظل عدم قدرة القوات الفرنسية على معالجة الأزمات الأمنية بمفردها، كما أن الاعتماد على المقاربة الأمنية وحدها دون النظر إلى المقاربات الأخرى الاقتصادية والتنموية والإنسانية، لم تعد ناجعة في احتواء المخاطر الأمنية وتهديدات الإرهاب في منطقة الساحل.

5-الدعم الفرنسي للأنظمة الاستبدادية في الساحل: فقد اعتمدت باريس في بناء علاقاتها مع دول الساحل والصحراء على شخصنة العلاقات الدبلوماسية، أو ما يُطلَق عليها "دبلوماسية العائلة"، وهي تعني إقامة علاقات مع شخص الرئيس نفسه وليس مع مؤسسات الدولة الرسمية. مما يعني أن غياب الرئيس من شأنه خلق أزمة لفرنسا بشأن إدارتها للعلاقات مع السلطة الجديدة، وهو ما برز في أزمة مالي الأخيرة التي شهدت صعود نخبة حاكمة جديدة تميل إلى روسيا على حساب فرنسا.

6-صعود أدوار منافسة لفرنسا في الساحل؛ حيث برز الدور الروسي خلال السنوات الأخيرة في بعض الأزمات بمنطقة الساحل؛ خاصةً أن موسكو تدرك أهمية خلخلة شبكة تحالفات فرنسا مع دول المنطقة، وتسعى نحو إعادة تشكيل خريطة التحالفات الإقليمية من جديدٍ بهدف تعزيز النفوذ الروسي على حساب تقليص النفوذ الفرنسي. ومن هنا، تركز التحركات الروسية في الساحل على متناقضات السياسة الفرنسية الراسخة في المنطقة بهدف كسب المزيد من الحلفاء الإقليميين الجدد، وتعظيم المصالح الاستراتيجية.

7-الضغوط الداخلية على حكومة ماكرون: تتصاعد التساؤلات لدى الرأي العام الفرنسي للرئيس ماكرون حول جدوى العمليات العسكرية الفرنسية في الساحل التي تُكلّف ما يقارب مليار دولار سنويًّا، خاصةً في ضوء تراجع الأوضاع الداخلية في فرنسا على الصعيدين السياسي والاقتصادي منذ بدء حركة السترات الصفراء التي انطلقت في مايو 2018م بهدف تحقيق عدد من المطالب الاقتصادية.

ثالثًا: تداعيات تراجع الدور الفرنسي في منطقة الساحل

يمكن تقسيم التداعيات المحتملة للتراجع الفرنسي النسبي في المنطقة إلى:

أ- التداعيات على منطقة الساحل والصحراء

تتمثل أبرز التأثيرات المحتملة في:

1-حالة فراغ أمني: والتي سوف يُخلّفها انسحاب قوة برخان الفرنسية؛ مما يسمح للتنظيمات الإرهابية النشطة باستغلالها جيدًا من أجل توسيع مكاسبها الاستراتيجية، مثل السيطرة على نطاق جغرافي أكبر، وما تمثله من تهديد واضح لسيادة الدولة الوطنية في الساحل، بالإضافة إلى تجنيد المزيد من العناصر الجديدة المؤيدة لتلك التنظيمات، وبالتالي خَلْق بُؤَر وخلايا إرهابية عديدة في أنحاء المنطقة؛ الأمر الذي قد يدفع بعض التنظيمات الإرهابية في المنطقة مثل تنظيم داعش نحو إقامة دولة في منطقة الساحل والصحراء، لتصبح البيئة الحاضنة لعناصر التنظيم من كل أرجاء العالم، وتنطلق منها كافَّة العمليات الإرهابية التي يتورط فيها التنظيم إلى المناطق الاستراتيجية المجاورة لا سيما قارة أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط.

2-تصاعد النزعات الانفصالية: تنشط عدد من الحركات الانفصالية في بعض دول المنطقة مثل شمال مالي والنيجر، في ظل عدم انتفاء الأسباب الجذرية التي تُغذِّي النزعات الانفصالية لبعض العرقيات والقبائل التي لا تزال تعاني التهميش السياسي والاقتصادي والمظلومية المجتمعية. وربما تتجدد المحاولات الانفصالية لبعض الحركات التي تسعى إلى إقامة دويلات جديدة بعيدًا عن الحكومات المركزية في بعض دول الساحل. وهو ما يعني زعزعة الاستقرار الأمني في إقليم الساحل، وما يُشكِّله من تهديد لأمن فرنسا وأوروبا عامة.

3-تنامي الصراعات بين التنظيمات الإرهابية: قد تمنح حالة الفراغ الأمني الذي قد تُخلّفه القوات الفرنسية في منطقة الساحل مساحة شاسعة للحركة بالنسبة للتنظيمات الإرهابية في بلدان المنطقة لا سيما تنظيمي القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وتنظيم الدولة "داعش" للاستحواذ على مساحة جغرافية أكثر اتساعًا تحت سيطرتها بهدف تعزيز نفوذها على مستوى خريطة الإرهاب في إفريقيا بشكل عام ومنطقة الساحل والصحراء بشكل خاص. وهو ما يجعلها ساحة مفتوحة للصراع بين التنظيميْن خلال الفترة المقبلة وانعكاسات ذلك على تفاقم أزمات الساحل وتعقيد السياق الأمني المضطرب بدوره، واحتمالات تمدُّد تلك الصراعات إلى مناطق الجوار الجغرافي الاستراتيجي.

4-تهديد مناطق الجوار الجغرافي: يؤثر تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية في منطقة الساحل على أمن واستقرار مناطق الجوار الجغرافي المباشر وغير المباشر مثل الشمال الإفريقي وغرب القارة وشرقها، بالإضافة إلى منطقة حوض البحر المتوسط، والجنوب الأوروبي. وذلك في ضوء تشابك العديد من الملفات الأمنية الشائكة التي تمثل تحديًا مشتركًا لتلك المناطق؛ مثل: نشاط التنظيمات الإرهابية التي استطاعت نَسْج شبكة معقدة بين الفروع والعناصر المؤيدة لها في مناطق مختلفة، وهو ما يهدّد الأمن الإقليمي، وملف الهجرة غير النظامية الذي يُشكّل تهديدًا صريحًا للأمن الأوروبي، بالإضافة إلى ملف الجريمة المنظمة في ظل السيولة الحدودية بين دول المنطقة وبين المناطق الجغرافية المجاورة التي سهَّلت تحرُّك وانتقال التنظيمات الإرهابية وجماعات التهريب بين الدولة دون أيّ مقاومة.

4-منطقة الساحل ساحة مفتوحة للاعبين الدوليين: قد تجد بعض القوى الدولية في انسحاب فرنسا المحتمل من الساحل فرصةً جيدةً للانقضاض على المنطقة بهدف إيجاد موطئ قدم لها هناك، وهو ما يعني تصاعد التنافس الدولي على المنطقة من أجل النفوذ والهيمنة والاستحواذ على مواردها وثرواتها الغنية. وتُعدّ كلّ من روسيا والصين بمثابة الخصم العنيد لفرنسا في الساحل؛ خاصةً مع تصاعُد الدور الروسي خلال الفترة الأخيرة، والصعود الصيني الاقتصادي في معظم أنحاء إفريقيا، وما يمثله من ضغط على القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا.

ب- التداعيات على المصالح الفرنسية في الساحل

تتمثل أبرز التداعيات المحتملة على المصالح الفرنسية في:

1-اهتزاز سمعة فرنسا الدولية: يسهم التراجع الفرنسي في الإضرار بصورة فرنسا على المستوى الدولي؛ كونها ستظهر في صورة العاجز عن هزيمة قوى الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء.

2-فك الارتباط بين فرنسا والساحل: وذلك على الصعيدين السياسي والأمني، وهو ما قد يُؤدِّي إلى خسارة نفوذ فرنسا في المنطقة، وتجميد الاتفاقيات الثنائية بشكل تدريجي مع دول الساحل لا سيما اتفاقيات الدفاع والتعاون العسكري التي تصل إلى 20 اتفاقية، ومن المحتمل أن تشهد بعض الأنظمة الحاكمة في بعض دول الساحل بعض الاضطرابات التي ربما تصل إلى إسقاطها بعد تراجع الحليف الفرنسي عن المشهد الإقليمي في الساحل، وهو ما يعني حلقة جديدة من عدم الاستقرار في الساحل والصحراء ربما تكون له تداعياته السلبية على الأمن الإقليمي وأمن الجوار الإقليمي المباشر وغير المباشر لا سيما فرنسا.

3-تزايد الخسائر الاقتصادية: تعتمد الدولة الفرنسية في معظم صناعاتها على المواد الخام التي تستوردها من دول الساحل الإفريقي، لا سيما النفط واليورانيوم. مما يعني أن أيّ انسحاب محتمل لفرنسا من المنطقة أو استمرار التراجع من شأنه تقليص سيطرة فرنسا على الثروات الإفريقية هناك، وإمكانية دخول قوى دولية وإقليمية أخرى للاستحواذ على تلك الموارد والثروات. كما أنها تخسر سوقًا اقتصادية واسعة تستوعب معظم منتجاتها، وتخسر الارتباط الاقتصادي مع مجموعة دول الفرنك الفرنسي الإفريقي.

4-تفاقم الأزمات الأمنية: فالتراجع الفرنسي في الساحل من شأنه دعم وتمدد نشاط التنظيمات الإرهابية إلى بعض مناطق الجوار الجغرافي لا سيما قارة أوروبا، واحتمالية التورط في عمليات إرهابية في الداخل الفرنسي انتقامًا من تورط القوات الفرنسية في دول الساحل، بالإضافة إلى تزايد موجات الهجرة غير النظامية من إفريقيا إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط، علاوة على توسيع نشاط الجريمة المنظمة في ضوء هشاشة الحدود المشتركة بين دول الساحل وسيطرة التنظيمات الإرهابية على طرق التجارة وطرق التهريب في المنطقة.

وإجمالًا، تنطلق باريس نحو تغيير الاستراتيجية الفرنسية في منطقة الساحل، وهي مدفوعة بالأساس برغبتها في تخفيف حدة الأعباء المادية واللوجستية على خزينتها، في الوقت الذي تضغط فيه باريس على المجتمع الدولي لمساندة قواتها العسكرية في الساحل، والضغط على دول الساحل من أجل تعزيز قدراتها لتحمُّل مسؤوليتها تجاه الأوضاع الأمنية وانتشار الإرهاب في المنطقة. كما أن فرنسا لا ترغب في خسارة أعداد جديدة من القتلى في صفوف قواتها العسكرية خلال حربها على الإرهاب. وترفض في نفس الوقت ترك الساحة الإقليمية في الساحل لقوى دولية مناوئة للدور الفرنسي هناك.

وهو ما يعني أن باريس لن تنسحب من غرب إفريقيا والساحل بشكل نهائي، وذلك بسبب تخوُّفها من التكلفة الباهظة التي قد تتكبَّدها فرنسا على مستويات عدة. وفي ضوء تخوُّفها من تزايد نشاط الإرهاب وتداعياته على منطقة الساحل وأوروبا. فضلًا عن حِرْص باريس على تأمين وصولها للموارد والثروات المهمة، وحماية مصالحها الاستراتيجية في المنطقة، وتعزيز نفوذها في الاتحاد الأوروبي وفي إفريقيا.