حمدا ولد التاه ..الفقيه الظريف .ابن العاقل

أحد, 03/03/2019 - 10:22

تقاطرت وفود الشعب الموريتاني من مختلف جهاته ونخبه الى منزل العلامة الشيخ حمدا ولد التاه للاطمئنان على صحته وعادت أجواء الاستبشار من جديد بعد الشائعات التي اطلقها بعض المدونين.

وكانت السيدة آمنة بنت حمدا بن التاه اول من زف بشرى سلامة الشيخ إلى محبيه داعية له بمشاعر البنت بطول العمر ودوام الصحة.

واختار وزير الخارجية السابق ورئيس اللجنة المستقلة للانتخابات نفي الخبر من خلال صورة مشتركة مع الشيخ حمدا ولد التاه

المفكر ..ابن العاقل

يمثل الشيخ حمدا ولد التاه أحد الرموز العلمية في موريتانيا واستطاع منذ الاستقلال أن يكون من أبرز الشخصيات الدينية في موريتانيا، وهو ينتمي إلى أسرة آل العاقل العلمية المشهورة التي خرجت عشرات العلماء والأدباء في موريتانيا.

حيث كان والده سيدي بن التاه من الشخصيات العلمية المرموقة في الجنوب الموريتاني كما كان جده أحمد بن العاقل أحد الرموز الإصلاحية الكبيرة في موريتانيا وأحد العلماء الموسوعيين الذين تركوا بصمات قوية على تاريخ القضاء والإفتاء والإصلاح الديني والاجتماعي في موريتانيا

أما والدة حمدا فهي لبابة بنت القاضي ببها ابن العاقل وهي إحدى العالمات المعروفات في الجنوب الموريتاني."فبارك فيها أسرة ما ألبها"

ولد الشيخ حمدا ولد التاه في منطقة المذرذرة سنة 1933  وتلقى معارفه الواسعة في مدرسة أسرته العلمية، إضافة إلى مجمل القيم الثقافية والأدبية والأخلاقية السائدة في منطقة أكيدي.

أخذ الشيخ حمدا ولد التاه القرأن ومعارفه على يد العالم سيدي ولد والد، قبل أن يتزود بمعارف شرعية ولغوية واسعة جدا من خلال الدراسة على خاليه القاضيين محمذن وحامد ابني ببها، إضافة إلى العالم محمد عالي محنض والعلامة الإصلاح كراي بن أحمد يوره

ويؤكد الشيخ حمدا ولد التاه تأثره بخاله القاضي اميي الذي كان مدرسة علمية وقضائية مرموقة، حيث تولى القضاء لأكثر من ستين سنة في منطقة الترارزة، وكان لآرائه الفقهية وأدبه صدى واسع في المنطقة، وفي الحالة الإفتائية بشكل عام.

رفيق الشؤون الإسلامية

ارتبطت ملفات الشؤون الإسلامية في موريتانيا بالشيخ حمدا ولد التاه عدة عقود، حيث تولى إدارة التوجيه الإسلامي لفترة طويلة، قبل أن ينتقل منها إلى وزارة الشؤون الإسلامية،ثم منصب سفير متجول بوزارة الخارجية ومدير لدائرة العالم الاسلامي بوزارة الخارحية ثم ادارة الشؤون الاسلامية مرة اخرى ..وإلى عضوية المجلس الإسلامي الأعلى فالأمانة العامة لرابطة علماء موريتانيا التي شغلها منذ تأسيسها منتصف التسعينيات. مع عضوية المجلس الأعلى للفتوى والمظالم 

كما كان الشيخ حمدا ولد التاه ممثلا دائما لموريتانيا خلال الثمانينيات في حلقات الدروس الحسنية الأثيرة في المملكة المغربية 

وإضافة إلى ذلك مثل الشيخ حمدا ولد التاه أحد الوجوه الإفتائية المرموقة التي رافقت الأجيال في موريتانيا خلال العقود الثلاثة المنصرمة.

شارك الشيخ حمدا ولد التاه في مؤتمرات وندوات عديدة، كما نال عضوية عدد كبير من المجامع العلمية الإسلامية في العالم ومثل موريتانيا في عديد المؤتمرات والمناشط الإسلامية.

حمدا ..السياسي الفقيه

أخذ المسار السياسي جزء مهما من حياة الشيخ حمدا ولد التاه، حيث كان عضوا قياديا في حزب الشعب الموريتاني خلال السبعينيات.

كما كان عضوا فاعلا فيما ائتلاف "اللائحة البيضاء"بقيادة محمد محمود ولد أماه  لينتزع الائتلاف البلدية المركزية في نواكشوط سنة 1986

وفي فترة الانفتاح الديمقراطي، نال الشيخ حمدا عضوية المكتب التنفيذي لحزب التجمع من أجل الديمقراطية والوحدة برئاسة صديقه الوزير السابق أحمد ولد سيدي بابه.

وقد كان الشيخ حمدا ولد التاه رفقة 24عضوا في الحزب يمثلون تيار المعاؤضة الرافض  لدعم الحزب للرئيس معاوية ولد الطايع في انتخابات 1992 وأعلنوا في المقابل دعمهم لمنافسه أحمد ولد داداه.

لكن الشيخ حمدا ولد التاه قطع بعد ذلك علاقته بالموقف المعارض ضمن مقاربة الولاء الناصح للحكام.

يقدم الشيخ حمدا ولد التاه نظريته السياسية ضمن الفقه السياسي الإسلامي الواسع الذي يؤمن بضرورة العدالة الاجتماعية وطاعة ولي الأمر، وتغليب مقصد الأمن والاستقرار على السعي إلى المغالبة والتداول على السلطة.

وينتقد بعض السياسيين وخصوصا من التيار الإسلامي بعض المواقف السياسية للشيخ حمدا ولد التاه، لكن الجميع متفقون على أنه أحد المفكرين الثاقبي الرأي والبصيرة

وإضافة إلى البعد السياسي اهتم الشيخ حمدا ولد التاه بملف الاقتصاد الإسلامي وأسلمة البنوك، حيث عمل مستشارا وموجها شرعيا في بنوك إسلامية عديدة.

حيث أسس التأمين الإسلامي التابع لشركة المرحوم مولاي الحسن ولد المختار الحسن إضافة إلى وضع المسار الإسلامي لبنك التجارة والصناعة والصناديق الشعبية للقرض والادخار. 

مما دفع دفة الاقتصاد الإسلامي "والمعاملات الشرعية " إلى الواجهة بعد عقود من "سريان نظام الفوائد" الربوية.

 

الأديب الظريف

يعتبر الشيخ حمدا ولد التاه أحد الشخصيات الأدبية في موريتانيا، وهو شاعر متمكن بالعربية واللهجية، وللشيخ حمدا ولد التاه مقاطع أدبية شهيرة، تحول بعضها إلى أغاني مشهورة في الفن الموريتاني وغنى بها فنانون مشهورون

من بينها اناشيد تغنى بها التلاميذ في مختلف أنحاء الوطن آخذين فيها "بحق الكتاب وحق الوطن" ذلك النشيد الذي لحنه وأداه الفنان الكبير سيداتي ولد آبه

وقد أخذ الرثاء جانبا أساسيا من شعر الرجل إضافة إلى الأدب التوجيهي وأدب المناجاة والإخوانيات

خارطة التأليف

ألف الشيخ حمدا ولد التاه كتبا عديدة في الفقه وعلوم القرآن والأدب واللغة، واعتمد الشيخ حمدا منهج التلخيص والتشذيب ليقدم خلاصة المعارف الإسلامية بشكل مختصر وبأسلوب أكثر رشاقة وقابلية للاستقرار في أذهان الشباب الموريتاني ومن أبرز مؤلفاته

اختصار كتاب الموافقات للإمام الشاطبي – جدولة الفقه الخليلي –أربعون حديثا في قضايا معاصرة- جدولة علمي البلاغة والأصول –تلخيص الإتقان في علوم القرآن- نظم في أحكام المساجد – منظومة المستجدات الفقهية المعاصرة.- نظم الثقلاء

إضافة إلى عشرات الأنظام والفتاوى والتقييدات العلمية الأخرى

حفظ الله الشيخ حمدا بن التاه