جنرال موريتاني: الوضع الأمني في مالي مؤهل لانهيارات خطيرة

جمعة, 06/03/2022 - 13:30

قال الخبير العسكري الموريتاني الجنرال الاحتياطي أحمدو بمب ولد باي إن الوضع الأمني في مالي مؤهل لانهيارات خطيرة، مضيفا في مقابلة خاصة مع موقع ريم آفريك إن يوميات العنف في هذا البلد تؤكد أن الوضع سيزداد صعوبة، وقد يوفر أرضية خصبة للجماعات المسلحة لتعزيز نفوذها وتوسيع دائرة نفوذها

نص المقابلة

ريم آفريك: كيف تنظرون إلى التطورات الأمنية في منطقة الساحل بعد دخول فاغنير إلى مالي وخروج القوات الفرنسية؟

 

أحمد بمب باي: أرى  أن الوضع سيزداد صعوبة وستجد المجموعات المسلحة أرضية خصبة لتوسيع دائرة عملياتها بانسحاب القوات الفرنسية ميدانيا وتراجع التعاون الدولي ان لم اقل شبه القطيعة السياسية والاقتصادية والدبلوماسية مع المجموعة الدولية بسبب التعامل مع مرتزقة فاغنير.

ولا شك أن يوميات العنف في مالي تؤكد أن الوضع الأمني مؤهل لكثير من الانهيار، ولمزيد من التوتر الذي قد يؤجج من جديد الأزمة العرقية، في هذا الجار، لتضيف معطى جديدا بالغ الخطورة ينضاف إلى التهديد الإرهابي الجاثم على مناطق واسعة من مالي وخصوصا في المثلث الحدودي الملتهب بين مالي والنيجر وبوركينافاسو.

ريم آفريك: هنالك توسع كبير لتنظيم داعش في منطقة الحدود الثلاثية كيف تفسرون الصعود المتواصل لهذا التيار بالاستمرار مع صراعه مع تنظيم النصرة؟

  أحمدو بمب باي: أري توسع داعش علي حساب النصره بقيادة إياد غالي يرجع من ناحيه الي تباين في ميزان القوة بين المجموعتين الإرهابيتين لصالح داعش كما يبدو من خلال توسيع عملياتها في اتجاه دول المنطقة الاخرى كمنطقة الحدود الثلاثة وغيرها ومن ناحية أخري الي اهتمام مجموعة النصرة المتزايد بالشمال خاصه مع انسحاب القوات الفرنسية، ووجود مناطق أكثر امن للتحرك، إضافة إلى تركيز النصرة على ما تعتبره أو تراه محاضن اجتماعية لها في شمال مالي، زيادة على بعد آخر أجج الصراع بين الطرفين وهو الصراع الفكري أو صراع الشرعية، حيث يمكن اعتبار النصرة امتدادا لتنظيم القاعدة الذي يعتبر المحضن الأم لكثير من التنظيمات الإرهابية في العالم الإسلامي، فيما تعتبر داعش جيلا جديدا دمويا من أجيال العنف، وبين هذا وذاك تبرز أيضا أسباب أخرى للصراع والتنافر من بينها الصراع على مراكز النفوذ ومصادر التمويل، حيث يعتبر الإرهاب وجها آخر من أوجه البحث عن المال في منطقة الساحل

.

ريم آفريك: تتزايد المخاوف على الحدود الموريتانية المالية من عمليات انتقام للجيش المالي ضد قومية الفولان كيف تنظرون إلى تأثير ذلك على الأمن الاستيراتيجي لموريتانيا في ظل تداخل اجتماعي بين البلدين؟

 

أحمدو بمب باي: لا يخفى عليكم حجم مدي طول الحدود بين البلدين ولا مستويات تداخل النسيج  الاجتماعي والعرقي وعمق وحجم الجاليات  من كلا البلدين هذا

بالإضافة إلي التشابه القائم بين الالوان، والتداخل اللغوي والثقافي، والذي قد يكون مصدر اشتباه اثناء المطاردات والاستهداف من طرف الجيش المالي وفاغنير لا فقط اتجاه الفلان بل العرب والطوارق كما رأينا مؤخرا.

 وعليه فانه من الضروري القيام بعمليات تحسيس ودوريات مكثفه علي الحدود للحد من استهداف المواطنين، وهو ما بدأت به السلطات العسكرية الموريتانية، من أجل تعزيز أمن البلاد وحماية حدودها وسلامة مواطنيها، وأعتقد أن الاتفاق الأخير بين بلادنا ومالي – بعد العمليات المؤلمة التي راح ضحيتها مواطنون موريتانيون داخل الأراضي المالية- يضمن لبلادنا مستوى من التحرك ومن رقابة الحدود عبر الدوريات المشتركة، كما أن عمليات التحسيس وتوعية المواطنين والمنمين سيكون لها بإذن الله تعالى دور إيجابي في حماية الحدود.

ريم آفريك: هل تتوقعون أن تراجع موريتانيا استراتيجيتها الأمنية خلال الفترة المقبلة بسبب المتغيرات الأخيرة؟

 

 أحمدو بمب باي: دون شك ستتأثر المقاربة الأمنية والدفاعية للبلاد، وهذا طبيعي جدا فأي مقاربة أمنيه او استراتيجية  تتطور مع تطور التحديات والتهديدات كما ان خروج مالي من مجموعة الساحل وانسحاب القوات الفرنسية والأوربية يجعل من الضروري مراجعة بعض البنود خاصة منها المتعلقة  بالتعاون المشترك في البحث عن المعلومات والعمليات المشتركة بين البلدين وفي اطار مفاهيم الدفاع الاقليمي

 

ريم آفريك: في الملف السياسي كيف تنظرون الى السياسة الدفاعية والأمنية للنظام خلال السنوات الثلاثة المنصرمة؟

أحمدو بمب ولد باي: القدرات العسكرية والخبرات الأمنية لبلادنا تتعزز باستمرار وتتطور بشكل إيجابي، وهذه المتغيرات الجديدة تتطلب التركيز على تعزيز القدرات  في مجال البحث عن المعلومات ووسائل القتال العصرية كالطائرات المسيرة والناقلات المدرعة ووسائل الاستطلاع الجوي من اجل التصدي للمجموعات الإرهابية التي قد تتعزز قدراتها الهجومية مع استمرار تدفق السلاح والتوتر في المنطقة.

 

.أحمدو بمب ولد باي: أرى أن السياسية الدفاعية والامنية في هاذه السنوات الثلاثة الأخيرة تميزت بالفعالية حيث انها كانت تتناسب مع متطلبات المرحلة من الناحية الوطنية والإقليمية وكان لبلدنا الدور البارز في تفعيل آليات التعاون والتبادل في التكوين والخبرات بين دول المنطقة والشركاء الدوليين، وهو ما يعكسه حجم الأعمال والأنشطة والبرامج التي نفذت خلال السنوات الثلاث المنصرمة في المجال الأمني والدفاعي، وكذا حجم التطور الكبير في "الدبلوماسية الدفاعية" إذا صح هذا التعبير والتي عززت بشكل كبير دورنا المحوري في المنطقة، وطورت قدرات منظومتنا الدفاعية في مستويات متعددة.

لكن هذه السياسة هي استمرار وتطوير للنجاح الكبير الذي حققه مهندس الاستيراتيجية الدفاعية للبلاد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الذي يعتبر المؤسس الفعلي لنهضة الجيش الموريتاني وتطوير وسائله وقدراته، وتحسين ظروف أفراده، وتعزيز قدراتهم وخبراتهم، وهو ما كان له دور كبير ليس في مؤسسة الدفاع فحسب بل في تأمين وتحسين صورة البلاد عند الشركاء والمستثمرين

 

- بعد الإخفاق الجزئي للحوار  بين الأغلبية والمعارضة كيف ترون أسباب هذا الإخفاق وماهو مستقبل الحوار؟

 

أحمدو بمب باي: نحن في تيار الإنصاف – ضمن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية- نعتقد أن الدولة  قامت بما ينبغي القيام به من اجل إتاحة الفرصة لجميع الفرقاء السياسيين كي يتحاوروا مع أن البعض لايرى أصلا ضرورة لهذا الحوار لأن الأجواء السياسية والديمقراطية في البلد تعتبر طبيعية. لكن رئيس الجمهورية نزولا عند رغبة الأطراف السياسية المطالبة بالتشاور حول بعض القضايا وحرصا منه علي تهدئة الساحة السياسية أبى إلا أن يخلق الظروف المناسبة للتشاور ولكن بعض الفرقاء اسر هو الآخر علي خلق جميع انواع العراقيل كعادته من اجل حاجة في نفسه.

إذن فلتتحمل الجهات المعرقلة للتشاور المسؤولية الكاملة لعرقلته، ومع ذلك فإن العودة إلى التشاور ممكنة جدا إذا انتفت الموانع والعراقيل التي يضعها البعض ويحاول فرضها في وجه المشهد السياسي