مستقبل مورتان اولي من تاريخ اتراب البيظان

سبت, 08/12/2017 - 15:49

استشهد الأمير بكار حاملا بندقيته و شهد بذلك قاتله بقوله : و هكذا مات الأمير الأخير من سلالة الامراء المرابطين بعد حكم دام سبعين سنة لم يذق فيه طعم الهزيمة انتهي الاستشهاد و لم يمنع ذلك ابنه الأمير الشهم عبد الرحمان من الانخراط في الجيش الفرنسي الغازي لهذه الربوع ,, 
انتقل قطب الزمان الشيخ ماء العينين الي جوار ربه مصرا علي خيار الجهاد بعد ان تم تصنيفه بشهادة الفرنسيين انفسهم كأخطر عدو واجهوه ابان زحفهم من الجنوب و من الشمال علي ما كان يعرف باتراب البيظان و لم يمنع ذلك ابنه العزيز الشيخ الطالب اخيار من العودة الي معقل النصارى بسان لوي حيث دفن رحمه الله بعد ان طلب الأمان و انخرط في مسلسل المهادنة علي رأي الشيخين سعد ابيه و باب بن الشيخ سيدي ,,,,
قتل الأمير الاديب المجاهد رمز الفتوة ’’ التالي من لعرب ’’ في تراب البيظان سيد احمد ولد احمد ال عيدة في وديان الخروب و أراد المستعمر بقطع رأسه ان يبعث برسالة واضحه الي المتمردين من اسلافنا و وصلت الرسالة حيث انه بعد تلك الحادثة المؤثرة التي وقعت ما يعرف عندنا بعام الهجرة انخرط العديد من الاعيان في صفوف النظام المفروض بالقوة ,,
و معلوم ان الأمير سيد احمد رحمه الله كان قبل تمرده قد ابرم معاهدة مع النصاري و اشهد عليها في وثيقة معروفة تاريخيا العلامة عبد القادر ولد محمد ال محمد سالم و ان هذا الأخير كان في اول امره يأخذ مع الشيخ ماء العينين بالجهاد و لما تيقن من عدم التوازن بين أسلحة المجاهدين البدائية و شدة السلاح الفتاك المتوفر لدي الغزاة قال كلمته الشهيرة : خذوا برأي باب ,,, 
ان هذا التبيان في المواقف بين افراد الاسرة الواحدة بخصوص التعامل مع المستعمر يشكل احدي اهم ميزات التاريخ الأهلي و اعتقد انه لا توجد بالكاد اسرة سلمت منه في هذه البلاد و قد عرفته شخصيا في ما ورد من اثار اسرتي عن اختلاف في المواقف فعلي سبيل المثال يقول جدي عبد الله بن احمدو بن محمد سالم ,المتوفي سنة 1902
محرضا قومه علي اتباع الشيخ ماء العينين في جهاده :
لَمَّا رَأَيْتُ الشَّيْخَ مَا الْعَيْنَيْـ^^ ـنِ وَحَوْلَهُ حِلَقٌ عَلَى الذِّكْرِ
رُهْبَانُ لَيْلِهِمُو نَسُو أَمْوَا^^ لَهُمُ ابْتِغَاءَ تِلَاوَةِ الذِّكْرِ
مِنْ كُلِّ أَشْعَثَ بَاذِلٍ لِلنَّفْـ ^^ ـسِ هَوَاهُ فِي مَحْجُوبَةِ الْخِدْرِ
عَزَمُوا الْجَلَاءَ وَوَدَّعُوا وَطَنًا^^ تَرَكُوا الثُّغُورَ كَوَاشِرَ الثَّغْرِ
نَادَيْتُ مُنْشِداً اثْرَهُمْ أَشْدُو^^ وَالدَّمْعُ بِالْخَدَّيْنِ وَالنَّحْرِ
"لَا يَبْعُدَنْ قَوْمِي الذِينَ هُمُو ^^ سُمُّ الْعُدَاةِ وَآفَةُ الْجَزْرِ
النَّازِلِينَ بِكُلِّ مُعْتَرَكٍ ^^ وَالطَّيِّبِينَ مَعَاقِدَ ألاٌ زر
وقد اشفع قوله بالفعل لما ارسل بعض ابناءه الي الشيخ ماء العينين وصاروا من كبار موارده و انخرط بعضهم في جهاده الي حد حمل السلاح الامر الذي كان حينها وربما ما زال عبرة في اعراف المجتمع الأهلي و لم يمنعه موقفه من جهاد الشيخ ماء العينين من التوسط بالفتوي لإنقاذ النصارى القادمين في مهمة بلانشي التجارية و الذين تم احتجازهم بمدينة اطار ,,, كما ان موقفه من الجهاد لم يمنع بعض ابناءه الاخرين من الانضمام الي حزب مهادنة الفرنسيين ,, لحفظ مصالحهم و من باب درء المفاسد ,,,
و قد عبر جدي من الام عبد الودود بن انتهاه بالأدلة القاطعة عن شرعية الموقف المهادن للنصارى و عن دعمه المطلق لرأي الشيخ سيدي باب أيام قدوم حملة كٌورو ,, 
موجبه رأيت من يريد في طرحه ان يجعل من النقاش الدائر حول العلم و المقاومة حربا أهلية لا معني لها بين احفاد المقاومين للنصارى و احفاد المتعاونين معهم في ما كان يعرف بتراب البيظان و لم اري في تاريخ الأهالي من سلم من الانتماء نسبا الي الفريقين ,, ففهمت من ذلك ان للنقاش صلة وثيقة بالتفاخر بالأنساب, المصنوعة و بالعصبيات البائدة ,, فاردت ان انبه علي ان مثل هذا النقاش الذي يدور حول جزئية من تاريخ موريتانيا لا يعكس تاريخنا الوطني المترتب علي نشأة الدولة الوطنية و علي مسار العقد الاجتماعي للجمهورية الذي يشكل عمودا لنسب كل الموريتانيين و علي الألآم و الآمال الوطنية ,, و ان المراد من الطقوس الوطنية هو توحيد الموريتانيين و ليس تفريقهم عبر التنافس بين امجاد امة قد خلت ,, و ان الاولي في نهاية المطاف هو مستقبل مورتان ,, و ليس تاريخ اتراب البيظان